skip to Main Content

أرشد‭ ‬الروح‭ ‬القدس‭ ‬وراقب‭ ‬كُتَّاب‭ ‬النصوص‭ ‬المقدَّسة،‭ ‬مستخدمًا‭ ‬شخصياتهم‭ ‬الفريدة،‭ ‬حتى‭ ‬إنهم‭ ‬كتبوا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أرادهم‭ ‬أن‭ ‬يكتبوه،‭ ‬دون‭ ‬زيادة‭ ‬أو‭ ‬خطأ‭. ‬ويجب‭ ‬ملاحظة‭ ‬عدة‭ ‬أشياء‭: (‬1‭) ‬يتعذر‭ ‬تفسير‭ ‬الوحي‭. ‬إنه‭ ‬عمل‭ ‬الروح‭ ‬القدس،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬بالضبط‭ ‬كيف‭ ‬تعمل‭ ‬قوة‭ ‬الروح‭ ‬القدس‭ ‬هذه‭. (‬2‭) ‬الوحي،‭ ‬بهذا‭ ‬المعنى‭ ‬المحدود،‭ ‬يكون‭ ‬محدودًا‭ ‬بكتّاب‭ ‬الأسفار‭ ‬المقدَّسة‭. ‬الكتب‭ ‬الأخرى‭ ‬لا‭ ‬يوحى‭ ‬بها‭ ‬بنفس‭ ‬المعنى‭. ‬

‭(‬3‭) ‬الوحي‭ ‬بالضرورة‭ ‬إرشاد‭. ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الروح‭ ‬القدس‭ ‬أشرف‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬المواد‭ ‬المستخدمة‭ ‬والكلمات‭ ‬الموظفة‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭. (‬4‭) ‬حفظ‭ ‬الروح‭ ‬القدس‭ ‬الكتّاب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬خطأ‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬حذف‭. (‬5‭) ‬يمتد‭ ‬الوحي‭ ‬إلى‭ ‬الكلمات،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للأفكار‭ ‬والمفاهيم‭. ‬لهذا،‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬وحي‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس‭ ‬الكامل‭ ‬واللفظي؛‭ ‬إنه‭ ‬كامل‭ ‬لأن‭ ‬الوحي‭ ‬شامل‭ ‬وخال‭ ‬من‭ ‬القيود،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬يتضمن‭ ‬كل‭ ‬أسفار‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس‭ ‬

‭(‬2تي‭ ‬3‭: ‬16‭)‬؛‭ ‬ولفظي،‭ ‬لأنه‭ ‬يتضمن‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ (‬1كو‭ ‬2‭: ‬13‭). (‬6‭) ‬يثبت‭ ‬الوحي‭ ‬فقط‭ ‬بمخطوطات‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس‭ ‬الأصلية،‭ ‬وليس‭ ‬بأي‭ ‬من‭ ‬الطبعات،‭ ‬قديمة‭ ‬كانت‭ ‬أم‭ ‬حديثة،‭ ‬ولا‭ ‬بأي‭ ‬نسخة‭ ‬بخط‭ ‬اليد‭ ‬عبرية‭ ‬أو‭ ‬يونانية‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬موجودة،‭ ‬ولا‭ ‬بأي‭ ‬نص‭ ‬نقدي‭ ‬معروف‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬معروفة‭ ‬بأنها‭ ‬مخطئة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الجوانب،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مؤكدة‭ ‬يقينيًا‭ ‬بأنها‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬خطأ‭. ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أية‭ ‬مخطوطات‭ ‬أصلية،‭ ‬فإن‭ ‬عدد‭ ‬الكلمات‭ ‬المشكوك‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬ضئيلاً‭ ‬جدًا،‭ ‬ولا‭ ‬تتأثر‭ ‬بها‭ ‬أية‭ ‬عقيدة‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬كلمة‭ ‬في‭ ‬مسالة‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬الوحي‭ ‬والسلطان‭. ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يتشابه‭ ‬الاثنان،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يوحى‭ ‬به‭ ‬يكون‭ ‬موثوقًا‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬سلطان‭ ‬للتعليم‭ ‬والعمل،‭ ‬ولكن‭ ‬أحيانًا‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬الحال‭ ‬هكذا‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الشيطان‭ ‬لحواء‭ ‬سجله‭ ‬الوحي‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬حقيقيًا‭ (‬تك‭ ‬3‭: ‬4‭). ‬يمكن‭ ‬قول‭ ‬نفس‭ ‬الشيء‭ ‬عند‭ ‬نصيحة‭ ‬بطرس‭ ‬للمسيح‭ (‬مت‭ ‬16‭: ‬22‭)‬،‭ ‬وما‭ ‬أعلنه‭ ‬غمالائيل‭ ‬للمجمع‭ (‬أع‭ ‬5‭: ‬38‭).‬

ومن‭ ‬حيث‭ ‬أنّ‭ ‬أيًّا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬يمثِّل‭ ‬فكر‭ ‬الله،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬حقائق‭ ‬ذات‭ ‬سلطان،‭ ‬مع‭ ‬أنَّها‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس‭. ‬يمكن‭ ‬قول‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬النصوص‭ ‬المأخوذة‭ ‬خارج‭ ‬سياقها‭ ‬وأعطيت‭ ‬معنى‭ ‬مختلفًا‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬المعنى‭ ‬المعروف‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬سياقها‭. ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬الكلمات‭ ‬موحى‭ ‬بها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المعنى‭ ‬الجديد‭ ‬ليس‭ ‬محل‭ ‬ثقة‭. ‬يجب‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬وعبارة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬موحى‭ ‬بها‭ ‬وموثوق‭ ‬بها‭ ‬معًا،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬إشارة‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬المثال‭ ‬المعيَّن‭.‬

2‭. ‬براهين‭ ‬الوحي

هناك‭ ‬أمران‭ ‬جوهريان‭ ‬عليهما‭ ‬نبني‭ ‬نظرية‭ ‬الوحي‭ ‬اللفظي‭ ‬الكامل‭: ‬شخصية‭ ‬الله،‭ ‬وصفات‭ ‬وادعاءات‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭.‬

أ‭ – ‬شخصية‭ ‬الله

إن‭ ‬وجود‭ ‬الله‭ ‬ثابت‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬حقيقة‭ ‬أنه‭ ‬أعلن‭ ‬عن‭ ‬نفسه،‭ ‬وقد‭ ‬أُثبت‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬أيضًا‭ ‬بواسطة‭ ‬براهين‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬وجوده‭. ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬ذلك‭ ‬الإعلان‭ ‬وتلك‭ ‬البراهين،‭ ‬اكتشفنا‭ ‬بالفعل‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬صفاته‭ ‬المميزة‭. ‬وبقي‭ ‬أن‭ ‬ندرس‭ ‬أشياء‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬طبيعته،‭ ‬لكننا‭ ‬قد‭ ‬رأينا‭ ‬فعلاً‭ ‬أنه‭ ‬إله‭ ‬شخصي،‭ ‬قدير،‭ ‬قدوس،‭ ‬ومحب‭.‬

لو‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الصفات،‭ ‬فسنتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لديه‭ ‬اهتمام‭ ‬مليء‭ ‬بالمحبة‭ ‬بخليقته‭ ‬ويأتي‭ ‬لمساعدتهم‭. ‬ولأن‭ ‬له‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬ويأتي‭ ‬لمعونة‭ ‬الإنسان‭ ‬فهذا‭ ‬دليل‭ ‬جوده‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬باحتياجاته‭ ‬المادية‭ ‬والوقتية‭. ‬لقد‭ ‬ملأ‭ ‬الأرض‭ ‬بالمعادن‭ ‬والوقود؛‭ ‬ووفر‭ ‬جوًا‭ ‬يستطيع‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬فيه؛‭ ‬وجعل‭ ‬الأرض‭ ‬خصبة،‭ ‬وأمدنا‭ ‬بأشعة‭ ‬الشمس‭ ‬والمطر،‭ ‬وبالبرد‭ ‬والجليد،‭ ‬كما‭ ‬أعطى‭ ‬الإنسان‭ ‬فهمًا‭ ‬للطرق‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬يسدد‭ ‬احتياجاته‭ ‬بهذه‭ ‬الأشياء‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬لديه‭ ‬أيضًا‭ ‬احتياجات‭ ‬روحية‭ ‬وأبدية‭. ‬لديه‭ ‬مشكلة‭ ‬الخطية،‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬أو‭ ‬الضمير‭ ‬يخبره‭ ‬بالمعيار‭ ‬الأخلاقي‭ ‬الحقيقي‭ ‬للحياة،‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬يبين‭ ‬له‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬بارًا‭ ‬أمام‭ ‬الله‭. ‬يشعر‭ ‬الإنسان‭ ‬بأنّه‭ ‬خالد‭ ‬ويتساءل‭ ‬عما‭ ‬يمكنه‭ ‬عمله‭ ‬للإعداد‭ ‬للأبدية‭.‬

أليس‭ ‬الله،‭ ‬الذي‭ ‬يمده‭ ‬بغنى‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يمده‭ ‬أيضًا‭ ‬باحتياجاته‭ ‬العليا؟‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الإجابة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ “‬نعم‭” ‬بالتأكيد‭. ‬الله‭ ‬وهو‭ ‬هكذا،‭ ‬والإنسان‭ ‬واحتياجاته‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا،‭ ‬يجعلان‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬يضع‭ ‬معاييره‭ ‬وخطته‭ ‬للخلاص‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬معروف‭. ‬وإن‭ ‬جعل‭ ‬ذلك‭ ‬معروفًا،‭ ‬فهل‭ ‬يتركها‭ ‬لتعبيرات‭ ‬غير‭ ‬يقينية‭ ‬وخاطئة؟‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬يستخدم‭ ‬الناس،‭ ‬المفديين،‭ ‬رغم‭ ‬كونهم‭ ‬خطاة‭ ‬كخدام‭ ‬للمصالحة‭ (‬2كو‭ ‬5‭: ‬18-20‭). ‬إلا‭ ‬أننا،‭ ‬كمخلَّصين‭ ‬رغم‭ ‬خطايانا،‭ ‬نحتاج‭ ‬أن‭ ‬نعلن‭ ‬الكلمة‭ ‬المعصومة‭. ‬أعطانا‭ ‬إله‭ ‬كل‭ ‬حق‭ ‬كلمة‭ ‬موثوقًا‭ ‬بها،‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬لكي‭ ‬نؤمن‭ ‬بها‭ ‬ونعلنها‭. ‬يكتب‭ ‬شَدّ:

من‭ ‬غير‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يعلن‭ ‬الله‭ ‬حقيقة‭ ‬أو‭ ‬عقيدة‭ ‬لعقل‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولا‭ ‬يعمل‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تأمين‭ ‬تأكيد‭ ‬لها‭. ‬هذه‭ ‬بالضبط‭ ‬هي‭ ‬الحال،‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬العقيدة‭ ‬أحد‭ ‬أسرار‭ ‬الدين‭. ‬إنّ‭ ‬حقًّا‭ ‬عميقًا،‭ ‬مثل‭ ‬عقيدة‭ ‬الثالوث،‭ ‬والتجسُّد،‭ ‬وكفارة‭ ‬المسيح‭ ‬النيابية،‭ ‬وغيرها،‭ ‬تتطلب‭ ‬مراقبة‭ ‬وإرشادًا‭ ‬غير‭ ‬عاديَّين‭ ‬من‭ ‬الروح‭ ‬المعصوم‭ ‬لتأمين‭ ‬إعلان‭ ‬لا‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬خطأ‭. ‬ومن‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬بدرجة‭ ‬أكثر‭ ‬أن‭ ‬نفترض‭ ‬أن‭ ‬نبيًا‭ ‬أو‭ ‬رسولاً‭ ‬قد‭ ‬تسلم‭ ‬من‭ ‬الله،‭ ‬بطريقة‭ ‬مباشرة،‭ ‬حقًا‭ ‬عميقًا‭ ‬وغامضًا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إليه‭ ‬الإنسان‭ ‬بفكره،‭ ‬لن‭ ‬يُترك‭ ‬لقدرته‭ ‬دون‭ ‬مساعدة‭ ‬لكي‭ ‬ينقل‭ ‬ما‭ ‬تسلّمه‭. ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬المحتمل‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬تخفى‭ ‬الرسالة‭ ‬الآتية‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬زي‭ ‬من‭ ‬الخرافات‭ ‬والأساطير‭ ‬المتطرفة‭.(‬‭)‬

ب‭ – ‬صفات‭ ‬وإعلانات‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس

يتفوق‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الكتب‭ ‬الدينية‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬محتواه‭. ‬إنه‭ ‬يضع‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭ ‬أخلاقية‭ ‬ويأمر‭ ‬بطاعة‭ ‬مطلقة،‭ ‬ويستنكر‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬الخطية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فهو‭ ‬يُعلِّم‭ ‬الخاطئ‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬بارًا‭ ‬أمام‭ ‬الله‭. ‬فكيف‭ ‬لإنسان‭ ‬لم‭ ‬يتسلَّم‭ ‬وحيًا‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬كتابًا‭ ‬مثل‭ ‬هذا؟‭ ‬يعرض‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس‭ ‬وحدة‭ ‬لافتة‭ ‬للنظر‭. ‬ومع‭ ‬أنَّه‭ ‬استغرق‭ ‬زمنًا‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬1600‭ ‬سنة،‭ ‬واحتاج‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬كاتبًا‭ ‬ليكتبوا‭ ‬66‭ ‬سفرًا،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬يتكوَّن‭ ‬منها‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس،‭ ‬إلاّ‭ ‬أنّه‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬كتابًا‭ ‬واحدًا‭. ‬له‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬عقائدية‭ ‬واحدة،‭ ‬ومعيار‭ ‬أخلاقي‭ ‬واحد،‭ ‬وخطة‭ ‬واحدة‭ ‬للخلاص،‭ ‬وبرنامج‭ ‬واحد‭ ‬لكل‭ ‬العصور،‭ ‬ونظرة‭ ‬واحدة‭ ‬للعالم‭. ‬تتضح‭ ‬خصوصية‭ ‬شريعة‭ ‬موسى‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الإعلان‭ ‬المستمر‭. ‬الناموس‭ ‬والنعمة‭ ‬وعقيدة‭ ‬الروح‭ ‬القدس‭ ‬ترتبط‭ ‬معًا‭ ‬بالقصد‭ ‬التدبيري‭ ‬لله‭. ‬إن‭ ‬ترتيبات‭ ‬الحلفاء‭ ‬القريبين‭ ‬للعناصر‭ ‬السياسية‭ ‬والدينية‭ ‬لنظام‭ ‬الحكم‭ ‬اليهودي،‭ ‬قصد‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مؤقتة،‭ ‬ولم‭ ‬يقصد‭ ‬بها‭ ‬الحاضر‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬توجد‭ ‬خطة‭ ‬وقصد‭. ‬لا‭ ‬تقدّم‭ ‬كتبٌ‭ ‬مقدّسة‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الوحدة‭ ‬العضوية‭ ‬التي‭ ‬نجدها‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدّس‭.‬

إنه‭ ‬يعلن‭ ‬أنه‭ ‬كلمة‭ ‬الله‭. ‬لو‭ ‬أن‭ ‬إنسانًا‭ ‬أو‭ ‬كتابًا‭ ‬يتكلم‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬الأخرى،‭ ‬فعلينا‭ ‬أن‭ ‬نسمح‭ ‬لهم‭ ‬أيضًا‭ ‬بأن‭ ‬يتكلموا‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭. ‬يتكلم‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬الأخرى،‭ ‬ويعلن‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬بإعلانات‭ ‬معينة‭. ‬تظهر‭ ‬هذه‭ ‬الإعلانات‭ ‬بطرق‭ ‬مختلفة‭: ‬

‭(‬1‭) ‬يستخدم‭ ‬كتّاب‭ ‬العهد‭ ‬القديم‭ ‬تعبير‭ “‬هكذا‭ ‬يقول‭ ‬الرب‭” ‬أو‭ “‬وجاءت‭ ‬كلمة‭ ‬الرب‭ ‬إلى‭ … ‬فلان‭ ‬من‭ ‬الناس‭”‬،‭ ‬أو‭ “‬قال‭ ‬الرب‭” ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬بنفس‭ ‬المعنى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3800‭ ‬مرة‭. (‬2‭) ‬يستخدم‭ ‬كتّاب‭ ‬العهد‭ ‬الجديد‭ ‬تعبيرات‭ ‬مثل‭: “‬يوضح‭ ‬لكم‭ ‬قصد‭ ‬الله‭ ‬الكامل‭”‬،‭ ‬أو‭ “‬بكلمات‭ ‬علمها‭ ‬الروح‭” ‬أو‭ “‬الذي‭ ‬هو‭ ‬كلمة‭ ‬الله‭” ‬أو‭ “‬وصية‭ ‬الرب‭”. (‬3‭) ‬ويعلن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكتّاب‭ ‬الكمال‭ ‬المطلق‭ ‬والسلطان‭ ‬الذي‭ ‬للناموس‭ ‬والشهادة‭ (‬تث‭ ‬27‭: ‬26؛‭ ‬2مل‭ ‬17‭: ‬13؛‭ ‬مز‭ ‬19‭: ‬7؛‭ ‬33‭: ‬4؛‭ ‬119‭: ‬89؛‭ ‬إش‭ ‬8‭: ‬20؛‭ ‬غل‭ ‬3‭: ‬10؛‭ ‬1بط‭ ‬2‭: ‬23‭). (‬4‭) ‬ويعترف‭ ‬سفر‭ ‬بسفر‭ ‬آخر‭ ‬عندما‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬النهاية‭ ‬المطلقة‭ (‬يش‭ ‬1‭: ‬7؛‭ ‬8‭: ‬31؛‭ ‬عز‭ ‬3‭: ‬2؛‭ ‬نح‭ ‬8‭: ‬1؛‭ ‬

دا‭ ‬9‭: ‬2،‭ ‬11،‭ ‬13؛‭ ‬زك‭ ‬7‭: ‬12؛‭ ‬ملا‭ ‬4‭: ‬4؛‭ ‬أع‭ ‬1‭: ‬16؛‭ ‬28‭: ‬5؛‭ ‬1بط‭ ‬1‭: ‬10‭). (‬5‭) ‬يضع‭ ‬بطرس‭ ‬رسائل‭ ‬بولس‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬المستوى‭ ‬مع‭ “‬بقية‭ ‬الأسفار‭ ‬المقدَّسة‭” (‬2بط‭ ‬3‭: ‬15‭). (‬6‭) ‬يعلن‭ ‬بولس‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬العهد‭ ‬القديم‭ ‬موحى‭ ‬به‭ (‬2تي‭ ‬3‭: ‬16‭). ‬ويكتب‭ ‬بطرس‭: “‬عَالِمِينَ‭ ‬هَذَا‭ ‬أَوَّلاً‭: ‬أَنَّ‭ ‬كُلَّ‭ ‬نُبُوَّةِ‭ ‬الْكِتَابِ‭ ‬لَيْسَتْ‭ ‬مِنْ‭ ‬تَفْسِيرٍ‭ ‬خَاصٍّ‭… ‬الروح‭ ‬القدس‭” (‬2بط‭ ‬1‭: ‬20‭ ‬و21‭).‬

لنلاحظ‭ ‬أيضًا‭ ‬نظرة‭ ‬الرب‭ ‬إلى‭ ‬الوحي‭. ‬قال‭ ‬الرب‭ ‬يسوع‭ ‬المسيح‭: “‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينقض‭ ‬المكتوب‭” ‬

‭(‬يو‭ ‬10‭: ‬35‭). ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأجزاء‭ ‬الخاصة‭ ‬بالعهد‭ ‬القديم؛‭ “‬كتب‭ ‬موسى،‭ ‬وكتب‭ ‬الأنبياء،‭ ‬والمزامير‭” ‬يوجد‭ ‬تعليم‭ ‬تختص‭ ‬به‭ (‬لو‭ ‬24‭: ‬44؛‭ ‬قارن‭ ‬مع‭ ‬آية‭ ‬27‭). ‬قال‭ ‬المسيح‭ ‬أيضًا‭ ‬إنه‭ ‬جاء‭ ‬لا‭ ‬لينقض‭ ‬الناموس،‭ ‬بل‭ ‬ليكمله‭ (‬مت‭ ‬5‭: ‬17‭)‬؛‭ ‬وبيّن‭ ‬مفهومه‭ ‬عن‭ ‬الوحي‭ ‬بقوله‭: “‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تزول‭ ‬السماوات‭ ‬والأرض،‭ ‬لا‭ ‬يزول‭ ‬حرف‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الناموس،‭ ‬حتى‭ ‬يكمل‭ ‬الكل‭” (‬مت‭ ‬5‭: ‬18؛‭ ‬قارن‭ ‬مع‭ ‬لو‭ ‬16‭: ‬17‭). ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬آمن‭ ‬بالوحي‭ ‬اللفظي‭ ‬للناموس‭. “‬الناموس‭” ‬هنا،‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬يتضمن‭ ‬كل‭ ‬العهد‭ ‬القديم‭.‬

وأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أظهر‭ ‬يسوع‭ ‬بعض‭ ‬التوقعات‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬تختص‭ ‬بحفظ‭ ‬وتفسير‭ ‬الحقائق‭ ‬المرتبطة‭ ‬به‭ ‬وبرسالته‭. ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يصعد‭ ‬أخبر‭ ‬التلاميذ‭ ‬أن‭ ‬الروح‭ ‬القدس‭ ‬سيجعلهم‭ ‬معلمين‭ ‬متميزين‭ ‬للحق‭. ‬هذا‭ ‬الروح،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬يسوع،‭ ‬سيفعل‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬يحل‭ ‬عليهم‭ ‬بتعليمهم‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وتذكيرهم‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬لهم،‭ ‬وإرشادهم‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬الحق،‭ ‬وبأن‭ ‬سيريهم‭ ‬الأمور‭ ‬الآتية‭ (‬يو‭ ‬14‭: ‬26؛‭ ‬16‭: ‬13‭)‬‭.‬

اتفقت‭ ‬هذه‭ ‬الوعود‭ ‬والحقائق‭ ‬المتصلة‭ ‬بحياة‭ ‬المسيح‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وخبرات‭ ‬التلاميذ‭ ‬الأولين،‭ ‬والعقائد‭ ‬المتضمنة‭ ‬في‭ ‬الرسائل،‭ ‬والتوقعات‭ ‬والنبوءات‭ ‬المذكورة‭ ‬في‭ ‬سفر‭ ‬الرؤيا‭. ‬وأعلن‭ ‬الرسل‭ ‬أنهم‭ ‬قبلوا‭ ‬هذا‭ ‬الروح‭ (‬أع‭ ‬2‭: ‬4؛‭ ‬9‭: ‬17؛‭ ‬1كو‭ ‬2‭: ‬10-12؛‭ ‬7‭: ‬40؛‭ ‬يع‭ ‬4‭: ‬5؛‭ ‬1يو‭ ‬3‭: ‬24؛‭ ‬يه‭ ‬19‭)‬،‭ ‬وتكلموا‭ ‬تحت‭ ‬تأثيره‭ ‬وسلطانه‭ (‬أع‭ ‬2‭: ‬4؛‭ ‬4‭: ‬8،‭ ‬31؛‭ ‬13‭: ‬9؛‭ ‬1كو‭ ‬2‭: ‬13؛‭ ‬14‭: ‬37؛‭ ‬غل‭ ‬1‭: ‬1،‭ ‬12؛‭ ‬1تس‭ ‬2‭: ‬13؛‭ ‬

4‭: ‬2،‭ ‬8؛‭ ‬1بط‭ ‬1‭: ‬12؛‭ ‬1يو‭ ‬5‭: ‬10؛‭ ‬رؤ‭ ‬21‭: ‬5؛‭ ‬22‭: ‬6،‭ ‬18‭). ‬لهذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬ربنا‭ ‬يضمن‭ ‬وحي‭ ‬العهد‭ ‬الجديد‭ ‬أيضًا‭.‬

Back To Top